
مشاركة:
لا يمكن لاي مسؤول ان يخفي اهمية وجود كتلة نيابية في البرلمان مخصصة له، تعكس آراءه وقراراته وتحدد خياراته التشريعية،
خصوصاً اذا كان ضمن السلطة التنفيذية. والحديث الاخير لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الذي كان معرض اخذ ورد بين المسؤولين على كل الصعد، حول اهمية وجود كتلة نيابية وطنية لا تنتمي الى رئيس الجمهورية بل الى الوطن، هو كلام غير علني عن رغبته في الحصول على كتلة نيابية على غرار رئيسي مجلسي النواب نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة.
ولا شك ان سليمان يجد نفسه دون صوت تشريعي في مقابل كتلة كبيرة لبري، وكتلة كبيرة ايضاً للسنيورة ولو بشكل غير رسمي لانه ينتمي الى ‘تيار المستقبل’ الذي له تمثيله النيابي المهم ايضاً داخل المجلس. والقول ان سليمان غير قلق من ان عدم وجود كتلة نيابية له يهدد منصبه لانه مستمر وفق الدستور لست سنوات- على الاقل- ولا تزال تجربة الرئيس الاسبق اميل لحود ماثلة في الاذهان حيث فشلت غالبية النواب في اقصائه عن الرئاسة، هو قول صحيح. اما السنيورة، فلو لم تكن الكتلة النيابية لـ’المستقبل’ وحلفائها الى جانبه، كان غادر السراي الحكومي قبل وقت طويل، وكذلك يمكن القول، ان بقاء بري على راس المجلس النيابي هو بفضل كتلته النيابية التي تعاونت مع الحلفاء في سبيل هذا الهدف.
اما سياسياً، فلا كلام لرئيس الجمهورية في الامور التشريعية، وعليه القبول بما يقره المجلس النيابي، اي بقية الزعماء السياسيين في البلد، وهو امر لا يمكن لاي شخصية مسؤولة ان تستسيغه، ويهمه بالتالي ان يكون ممثلاً نيابياً. ولكن رئيس الجمهورية الحالي لم يجاهر مرة بهذا الموضوع، ولو انه ضمن الواقع السياسي والطائفي والدستوري، بات بمثابة حق مشروع له، فما الذي يعيق قيامه بهذا الاعلان المباشر؟
في البداية، يجب التوقف عند دقة المرحلة التي يمر بها لبنان حالياً، والتي تتحضر للانتخابات النيابية وفق قانون قديم- جديد، ووضع اقليمي وعربي ودولي بدأت ملامحه تتغير، وحتى سليمان نفسه يعيش وضعاً خاصاً فهو رئيس توافقي، وهذه هي الصورة التي يقدمها الى اللبنانيين والعالم اجمع خلال زياراته الخارجية.
وهذه الصورة تجبر رئيس الجمهورية على عدم الاعلان عن تبني مرشحين للانتخابات في اي منطقة كانت، فسقوطهم او سقوط احدهم لاي سبب كان، سيقوّض الصورة الرئاسية ويجعلها موضع شك محلياً وخارجياً. اضافةالى ذلك، فإن اي تبني لمرشح مسيحي سيكون بمثابة اعلان المواجهة العلنية مع القادة المسيحيين عموماً، ومع النائب العماد ميشال عون بصورة خاصة كونه حظي العام 2005 بأصوات غالبية المسيحيين، ولو ان الاخير قال انه سيكون الى جانب سليمان لتأمين نواب له يضحون من اجل الوطن. كما ان اي مسؤول سياسي مسيحي سيحظى بالغالبية المسيحية في الانتخابات، سيكون نداً لرئيس الجمهورية في ادعاء تمثيل المسيحيين سياسياً، وبالتالي، يفضل سليمان عدم حصول مثل هذه المواجهة مع احد. في المقابل، سيعتمد سليمان على ما بعد الانتخابات، وتحديداً على اشخاص سيسمون انفسهم ‘مستقلون’ ليضعوا انفسهم في تصرفه وليعكسوا افكاره وقراراته في مجلس النواب، فيتحولوا بذلك، ولو بصورة غير رسمية الى ‘نواب الرئيس’. وهو بعدم تحديده طائفة النواب الوطنيين، يفتح الباب ايضاً امام نواب من غير الطائفة المسيحية لينضموا الى ‘كتلته المستقبلية’، وهو امر يصب ايضاً في مصلحتهم لانهم سيجدون حيثية سياسية لهم، ما يجعلهم غير مستقلين لانهم سيشكلون لسان حال رئيس الجمهورية، انما سيستقلون عن الزعماء السياسيين واجزار والتيارات.