أيها المسيحيون: هلموا الى ثوابت جعجع التاريخية!!

مشاركة:

كان خطاب جعجع الناري يوم الأحد الماضي نجم الساحة السياسية بامتياز، فبعد ان قدم الاعتذار ‘الملغوم’، هاجم بعنف وشدة العماد ميشال عون والوزير سليمان فرنجية.

لم يكن هجوم جعجع مفاجئاً، بل ان المفاجئ كان الاعتذار الذي قدمه. فجعجع بنى شعبيته او ما توهم اللبنانيون انه ‘تأييد شعبي’ للقوات خلال الحرب الماضية، على مبادئ ثلاثة: الكراهية والحقد، الخوف، والتعصب والتبعية العمياء.

ـ الكراهية والحقد: زرعها جعجع في نفوس أنصاره تجاه الآخر، أي آخر، وعليها اعتمد لتحفيزهم على ارتكاب المجازر والموبقات التي اعتذر عنها بالأمس. والحقيقة ان سياسة جعجع الحاقدة لم تزل بفعل السجن والغياب عن الساحة السياسية التي كان له فيها مجال لإجراء مراجعة ذاتية وتقرب من الله وطلب المغفرة منه على ما اقترفته يداه خلال الحرب، بل لقد صرح في 7 ايار تعليقاً على انهيار ميليشيات الحريري بسرعة قائلاً: ‘إن (مقاومي) الحريري لم يستطيعوا الصمود لأن ليس في قلبهم كراهية’.

إذاً هذه هي السياسة القواتية والثوابت التي يتحدث عنها جعجع، ولهذا قتل القواتيون ‘أبو جو’ قبل القداس بأيام، لكي يستطيعوا ان يعبئوا أنصارهم حقداً فيؤمنوا حشداً في الملعب على دماء فرنجية الزكية.

ـ الخوف: اعتمد القواتيون مع الشعب الذي يعيش في مناطق نفوذهم خلال الحرب، سياسة مفادها ‘إما أن تتبعونا وإما أن تخافونا’. وهذه السياسة جعلت الكثيرين من الأهالي يعيشون ‘رهاب’ اسمه ‘سحب القوات لأبنائهم من المنازل لقتلهم وجعلهم عبرة للآخرين، على معارضتهم السياسة القواتية’.

ـ اما المبدأ الثالث والأخير، فقد اعتمدوه مع المحازبين المنتسبين للقوات. فقد اشترط على كل قواتي ان يتعصب للقوات تعصباً أعمى لا يعود معها يستطيع ان يقبل أي رأي مختلف او مخالف.. بل أكثر من ذلك فإن من يحتسب عليه من القواتيين انه ناقش أو حاول الانفتاح على الأفكار الاخرى كان مصيره التصفية او الاقصاء او تدبير الانتفاضات ضده.

الواقع ان المناطق الشرقية عاشت خلال الحرب وما بعدها ارهاب القوات اللبنانية، ومحاولاتهم زرع الحقد والكراهية بين أبناء البيت الواحد، وهذا ما يحاول جعجع استعادته اليوم بعدما تبين له ان الإحصاءات أثبتت ان مجموع الأصوات القواتية جميعها في جميع المناطق المسيحية لا تكفي لإيصال نائب، وبعدما تأكد ان حلفاءه في تيار المستقبل ووليد جنبلاط قد اختاروا ان يتعاملوا معه على قاعدة أنه من الأحمال الزائدة في السفينة المثقوبة، وعليهم رمي هذه الأحمال في البحر لئلا تغرق السفينة بمن فيها.

اما في المناطق المسيحية فإن كثراً بدأوا ينأون بأنفسهم عن القوات وتاريخها، وعن التحالف معها في الانتخابات المقبلة. فالنائب السابق منصور غانم البون مثلاً لم يشارك في قداس القوات لأنه يخجل من ظهوره في الصورة مع القوات ـ بحسب قوله ـ اما الوزير إلياس المر فأكد انه لن يكون في تحالف 14 آذار، لأنه يرفض ان يتحالف مع القوات.

وهكذا يحاول جعجع شحن النفوس بالعصب المذهبي والطائفي، فيحرض على المقاومة، ويحاول تحفيز أنصاره للقتال في الميدان المسيحي بالقول إن مصيرهم بواسطة التفاهم والانفتاح على الآخر، سيكون التبعية لسوريا وحزب الله.

سابقاً قال جعجع على طاولة الحوار: ‘ان مسيرة الشخص وسيرته ترسم لك حاضره ومستقبله’، وإذا طبقنا هذه المقولة على تصرفات جعجع وخطاباته ومواقفه فلا نعود نتفاجأ بمواقفه بالأمس، بل اننا عند سماعنا جعجع وكلامه لا يسعنا إلا تذكر القول المعروف: ‘وقّروا كباركم، وارحموا صغاركم، وداروا سفهاءكم’.