معارك عنيفة وقصف متبادل وقنص قطع أوصال طرابلس وحاصرها شمالاً

مشاركة:

حصل ما كان في الحسبان… وخرجت الخروقات الأمنية في التبانة والقبة وجبل محسن عن السيطرة الميدانية، وعن الانتشار العسكري للجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي، …

وأسفرت عن ساعات عنيفة جدا من الاشتباكات الضارية عاشتها طرابلس منذ ليل امس الاول وطيلة يوم أمس، استخدمت فيها مختلف الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية، وحملت معها مزيدا من الضحايا والدماء والاضرار والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية، فسقط ثلاثة قتلى و٥٨ جريحا، وأصيب العديد من المنازل والمحلات التجارية، وفرضت حالة من الشلل على كل مرافق المدينة.

هذا الواقع الامني المستجد، دفع الى استئناف الاتصالات واللقاءات السياسية التي بدأها مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار، منذ ساعات الصباح وشملت أعلى المراجع اللبنانية، والقيادات السياسية الموالية والمعارضة والكوادر الشعبية في المدينة، ونجحت في احتواء الموقف المتفجر، وأثمرت عن وقف جديد لإطلاق النار، على ان يعود الجيش اللبناني للانتشار في المنطقتين متحصنا هذه المرة بقرارين سياسي وعسكري يقضيان بإطلاق النار على كل من يطلق النار باتجاه الآخر اعتبارا من الساعة التاسعة من مساء أمس.

وقد تم إبلاغ هذا القرار الى كوادر التبانة والقبة والمنكوبين بشكل مباشر من النائب سعد الحريري عبر اتصال هاتفي خلال اجتماعهم في منزل المفتي الشعار، كما أبلغه المفتي الشعار الى ممثلي جبل محسن وأحزاب المعارضة في طرابلس، مشددا على ضرورة الالتزام والتعاون مع الجيش الى اقصى الحدود.

وقد ترافق القرار العسكري الجديد المغطى سياسيا والذي تم بتوجيهات من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة لرئيس الأركان اللواء شوقي المصري، وبمتابعة من رئيس كتلة المستقبل النيابية سعد الحريري، واتصالات اجراها النائب أحمد حبوس كممثل عن الطائفة العلوية الذي اكد الالتزام الكامل بالتهدئة، داعيا الى قيام الجيش بالدخول الكامل الى جبل محسن، وعودا من المراجع المسؤولة لبنانيا ومحليا بتنفيذ ورشة عمل إنمائية في التبانة ومحيطها لرفع الاهمال والحرمان المزمنين وحل جزء من المشاكل الاجتماعية، على ان يتبع ذلك جهود من كل الأطراف لإجراء مصالحة تاريخية بين المنطقتين برعاية الدولة اللبنانية وتأمين تعويضات مالية عن كل الأضرار التي لحقت بهما، وعن الشهداء الذين سقطوا منذ عام ،١٩٧٥ فضلا عن إطلاق ورشة تأهيل لكل الأبنية السكنية ضمن مشاريع محلية وممولة دوليا، بحسب ما اعلن رئيس بلدية طرابلس المهندس رشيد جمالي خلال الاجتماع.

الاشتباكات

وكانت الاشتباكات اندلعت مساء أمس الاول بعد ان تعرضت المنطقة الفاصلة بين التبانة وجبل محسن لإطلاق عدد من القنابل اليدوية سقطت قرب مدرسة التفوق في بعل الدراويش، وخلف مبنى السنترال، وقبالة جامع الناصر، والملولة، تبعها إطلاق كثيف للنار وقذيفة من نوع »إينيرغا«، لتبدأ السخونة على بعض المحاور المتقدمة، تخللتها مساع كبيرة جدا للقيادات الشعبية وضباط الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي لعودة الأمور الى نصابها، وإزالة كل أشكال التوتر والمظاهر المسلحة التي بدأت تنتشر بشكل واسع في كل الاحياء والشوارع الرئيسية والفرعية، لكن كل هذه المساعي باءت بالفشل، لينكفئ الجيش والقوى الامنية، ولتنطلق المعارك عند منتصف الليل بشكل عنيف في المحاور التقليدية ابتداءً من سوق القمح حارة البرانية، جامع عبد الناصر، طلعة العمري، الشيخ عمران (الكواع)، الشلّ، بعل الدراويش، والملولة، ثم ما لبثت ان توسعت رقعتها لتشمل أطراف البداوي في محلة المنكوبين، وصعوداً نحو منطقة القبة لجهة محاور تعاونية الريفا، نادي الضباط، البقار، ساحة الأميركان، الشعراني، حارة السيدة، سطح البير وصولا الى الحارة البرانية وسوق القمح.

وقد استمرت الاشتباكات بشكل متقطع حتى الساعة الثانية فجرا حيث بلغت ذروتها وبقيت على هذه الحال حتى ساعات الصباح الاولى واستخدمت فيها مختلف الاسلحة الرشاشة المتوسطة والثقيلة، والقذائف الصاروخية من الـ ب٧ والـ ب١٠ والانيرغا، والقنابل اليدوية، وقد ترددت اصوات الانفجارات في مختلف أنحاء المدينة.

وصباحاً هدأت حدة المعارك قليلا ثم استؤنفت بشكل عنيف حتى ساعات الظهر، وترافقت مع عمليات قنص طالت مختلف الشوارع وصولاً إلى أطراف الزاهرية ومستديرة أبو علي والجسرين وأطراف السويقة والحديد في محيط قلعة طرابلس وقطعت اوصال المدينة من الناحية الشمالية لجهة البداوي والملولة ومستديرة أبو علي، أما في القبة فقد قطع القنص أوصال جبل محسن وكذلك ابتعد مداه نحو ساحة القبة وطريق الجامعة صعوداً نحو محيط المستشفى الحكومي وطريق الضنية التي تم تحويل السير عليه للسيارات الآتية إلى طرابلس من شمالها في المنية وعكار ومن الحدود السورية وحصدت قتيلا فلسطينيا (ممرَّض كان متوجهاً للالتحاق بعمله في مستشفى النيني)، وعدداً كبير من الجرحى، ما دفع القوى الامنية الى قطع كل الطرقات المؤدية الى الزاهرية والتبانة والقبة والمنكوبين ذهاباً وإيابا.

وبعد الظهر تراجعت حدة الاشتباكات على وقع الاجتماعات والاتصالات والاجواء الايجابية الناتجة عنها، فيما أبقي على عمليات القنص، ومساء وقبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ تجددت الاشتباكات على مختلف المحاور، وبقيت حتى بعد التاسعة، وتجددت معها الاتصالات مع كل الاطراف للالتزام بالتهدئة، وإفساح المجال امام الجيش اللبناني للقيام بمهامه.

الاشتباكات العنيفة انعكست فوضى امنية في مدينة طرابلس التي شهدت الكثير من المظاهر المسلحة على الطرقات وضمن السيارات وعلى الدراجات النارية، وقد قام مسلحون على عدد من الدرجات النارية بإطلاق النار على بعض المحلات التجارية في المدينة وحاولوا إحراق محلات بعيتي لبيع القهوة، كما رصد المواطنون سيارة من نوع جيب عليها رشاش ثقيل من نوع ٥٠٠ كانت تجوب الشوارع.