بعد الاستفتاء ….. نصر لاردوغان وحزبه ومخاض لاشراقة تركية جديدة‏

مشاركة:

يردها حرباً مفتوحة ولا معركة شرسة تخلخل اعمدة الاستقرار في تركيا ….

رجب طيب اردوغان هو وحزبه، حزب العدالة والتنمية لم يقدما سوى استفتاءٍ لاصلاحات دستورية… لكن من كن له العداء هو من صورها كمعركة كسر عظم ….

لم تكن "معركة الاستفتاء" التي خاضها أردوغان وحزبه معركة سهلة في مواجهة حملة اعلامية تجاوز فيها المعارضون كل حدود اللياقة وأدب الخصومة والاختلاف …..فيض من حملات التشويه والتشهير كالها المعارضون الاتراك لأردوغان، ولكن هذه الافتراءات لم تنطل على الشعب التركي فجاءت نتيجتها بعكس ما توقعوا هم، وجاءت نتيجتها هزيمة نكراء لهم ولكنها هزيمة بطعم الفضيحة، فقد أسقط الاستفتاء آخر ورقة توت عن المعارضين في تركيا، والمتربصين شراً برئيس الوزراء التركي وحزبه الحاكم.

 

تركيا ما بعد الاستفتاء هي حتماً غيرها قبل الاستفتاء، انها تركيا ذات القوة المضاعفة التي باتت اصلب من ذي قبل، ذلك ما قررته غالبية الشعب التركي في استفتاء لقي الترحيب من الجميع ( الاتحاد الاوروبي والدول الاعضاء والمعارضون انفسهم ).

 

لم تمض ساعات على معركة كسر العظم تلك  حتى أفرزت صناديق الاقتراع فوزاً  أكبر مما توقعه أردوغان  خلال آخر خطاب له قبل البدء بالاستفتاء، فقد انحاز حوالي %58 للتعديلات ليحقق أنصار الديمقراطية بقيادة حزب العدالة والتنمية نصراً تاريخياً على أنصار ديكتاتورية المؤسَّسة العسكرية العلمانية من أحزاب اليسار المتأمرك والتطرف القومي المتشدد الذين كانوا الى ما قبل ساعات من فتح أبواب الاقتراع يتشدَّقون في مهرجاناتهم بأن رفضهم  سيغلب أردوغان وحزبه.

 

وفي هذا الصدد تشير النتائج غير الرسمية الى أن 58٪ من الناخبين وافقوا على الاصلاحات مقابل رفض 42٪، وان نسبة الاقبال بلغت 77٪.

 

نور الدين لموقع المنار : اردوغان وحزبه حققوا نصراً مهماً ..لكن امامهم الكثير ليفعلوه

 

الخبير في الشؤون التركية الاستاذ محمد نورالدين رأى خلال مقابلة مع موقع قناة المنار انه من الممكن القول ان النتائج فاقت كل التوقعات خاصة بعد تلك الحملة الكبيرة التي قامت بها احزاب المعارضة . معتبراً هذه النتيجة بمثابة انتصار كبير لحزب العدالة والتنمية وزعيمه رجب طيب اردوغان …

 

ولكن الاستاذ نور الدين لفت الى ان  حزب العدالة واردوغان لا يمكنهم ان يطمئنوا بعد هذه النتيجة  بأنهم سيستطيعون ادارة البلاد في السنوات المقبلة ، موضحاً ان رزمة الاصلاحات التي قدمها حزب العدالة والتنمية نقطة تحول في مسار الديمقراطية في تركيا ولكن ليست كافية للقول ان تركيا تنعم اليوم بنظام ديمقراطي كامل .

 

ورأى نور الدين ان المرحلة المقبلة التي ستمر على اردوغان وحزبه بعد هذا الاستفتاء هي اصعب  فهناك العديد من المحطات المفصلية والاساسية التي يجب على اردوغان حلها، مشيراً الى وجوب التنبه للعديد من النقاط من قبل اردوغان وحزبه وهي على الشكل التالي :

 

أولاً: المسألة الكردية : حيث ان قسماً كبيراً من الاتراك لم يشاركوا في الاستفتاء بسبب تغييب مطالبهم في رزمة الاصلاحات التي قدمت كما غابت خلال كل تصريحات المسؤولين الاتراك التي سبقت الاستفتاء، والمطالب هي اعطاء الاكراد الحكم السياسي والثقافي الذاتي، وضع ضمانات في الدستور لحمايتهم وحماية الهوية الكردية.

 

ثانياً: مطالب الكتلة العلوية والتي تمثل أكثر من 15 مليون نسمة في تركيا بالاعتراف بالمذهب العلوي على انه مذهب مستقل عن المذاهب الإسلامية الأخرى، وان يكون لهم مجلس خاص بهم على غرار المذهب السني والاعتراف بدور عبادتهم، ودعمهم من قبل الدولة.

 

ثالثاً: مطالب بطريركية الروم الارذوثوكس  في اسطنبول، والتي تتمحور بالاعتراف بها من قبل السلطات التركية على أنها ذات صفة عالمية كالفاتيكان، وليست ككنسية محلية فقط، بالاضافة لإعادة مدرسة للرهبان قرب اسطنبول.

 

واوضح الخبير في الشؤون التركية ان تلك المطالب الثلاث مطابقة تطابقاً تاماً مع شروط الاتحاد الاوروبي التي وضعها لاجل السماح لتركيا للانضمام اليه ..

 

تركيا باتت أقوى اليوم ….

 

تركيا باتت اليوم اقوى مما كانت عليه في كافة الصعد، فرزمة الإصلاحات التي قدمها رئيس الوزراء التركي لاقت تأييداً من قبل الاتحاد الأوروبي قبل المرور بالاستفتاء وهذا مؤشر ايجابي يدفعها الى الامام في المفاوضات المباشرة بينها وبين الاوروبيين للانضمام الى اتحادهم فقد رمى اردوغان وحكومته الكرة في ملعبهم …

 

وقد رأى الاستاذ نور الدين ان الاستفتاء رسخ تفويض الشعب التركي  للحكومة التركية ولرئيسها رجب طيب اردوغان وهذا ما يعطي زخماً اكبر للحكومة التركية في معالجة كل القضايا المطروحة سواء خارجياً ام داخلياً، وسيسهم هذا الاستفتاء في إرساء الاستقرار أكثر فأكثر اقله حتى موعد الانتخابات التركية  المقبلة  ….

 

أول غيث الاستفتاء قلق صهيوني ملفت ….

 

أول الغيث قلق صهيوني ملفت فقد دفع فوز رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان في الاستفتاء على التعديلات الدستورية رئيس الحكومة  الصهيونية بنيامين نتنياهو إلى الشعور بالقلق. ولذلك فإن أول ما فعله نتنياهو إثر عودته من قمة شرم الشيخ التفاوضية  ليس الاستعداد لجلسة المفاوضات المقررة في القدس المحتلة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وإنما البحث في مغزى التطورات التركية.

 

وكشفت صحيفة يديعوت أحرونوت في هذا الاطار النقاب أمس عن أن نتنياهو طلب عقد اجتماع عاجل للهيئة السباعية، التي تقرر السياسة العامة للحكومة، للبحث في آخر تطورات الوضع التركي، ومستقبل العلاقات بين الدولتين.

 

 

توجه نحو نظام رئاسي… يليق بأردوغان

 

بدأت تلوح في الأفق احتمالات البحث في إعداد دستور جديد يلحظ الانتقال إلى نظام رئاسي. وكان اردوغان أول من ألمح إلى دستور جديد في خطابه في ديار بكر في الثالث من ايلول/سبتمبر الحالي. وتلا ذلك إعلان رئيس اللجنة الدستورية في البرلمان برهان كوزو (من حزب العدالة والتنمية) ان اردوغان أعطى تعليماته للبدء بإعداد دستور جديد، قائلاً انه نظام رئاسي يليق برجب طيب اردوغان.

 

وقال اردوغان نفسه، في برنامج تلفزيوني، ان نظاماً رئاسياً او نصف رئاسي يتضمنه الدستور الجديد يمكن ان يكون موضع نقاش مع المعارضة.

 

ومما ورد في صحيفة "راديكال" ان اردوغان لا يريد ان يكون رئيساً للجمهورية بالصلاحيات الحالية، ويريد أن يكون رئيساً للجمهورية بصلاحيات إضافية. وذكرت الصحيفة أن الانتخابات النيابية المقبلة قد يتم تقديمها الى نهاية ايار/مايو المقبل، أو مطلع حزيران/يونيو، وليس في منتصف تموز/يوليو العام 2011 كما هو مقرر، وذلك تفادياً لمصادفتها في حر الصيف، مشيرة إلى أنّ تقديمها بالتالي لا يعتبر انتخابات مبكرة.

 

صفحة طويت بالفعل في تركيا ونحن بصدد رؤية الصفحة التي تليها والتي تحمل ايجابيات من الممكن ان تمحو موبقات الفترة الماضية، فترة الديكتاتورية المفرطة والتي ممكن تسميتها بفترة "الظلام السياسي" التي لا تفهم سوى لغة العسكر "لغة الحديد والنار" …. هل من الممكن ان تسهم تلك الخطوات التي تشق درب الخير في تركيا في اشراقة صبح جديد في تركيا  الحضارة والمملكة والجمهورية…. وهل سينجح اردوغان وحزبه في تقديم هذا النموذج الفريد الذي يجمع الحداثة وكل ما تحويه مع المحافظة على الدين الحنيف ؟ اسئلة لابد للقادم من الايام ان يجيب عليها….