‘قنابل’ السيّد تتفاعل: ‘الحريريون’ يتحدّونه.. ‘المصريون’ يتوعّدونه.. و’المجتمع الدولي’ يتمسّك بالمحكمة!

مشاركة:

تماماً كما توقع، كان جميل السيّد ‘حديث البلد’ في بداية الأسبوع..

هو أدلى بدلوه يوم الأحد وحزم أمتعته باتجاه باريس حيث يعدّ شكوى جديدة أمام المحكمة الدولية بشأن ‘الاعتقال السياسي’

الذي كان "ضحيته" بعد أن قبع في الزنزانة لأربع سنوات بناء على "اعترافات" شهود الزور الذين ترفض المحكمة مجرّد "محاكمتهم"..

هو أدلى بدلوه وانتهى الأمر بالنسبة إليه ليفتح سجالاً لا ينتهي في الداخل اللبناني.

صحيح أنّ الكلام الذي أطلقه خطير وبالتالي فإنه من غير الجائز أن يمرّ مرور الكرام "لو كنا في دولة تحترم كر لكنّ الصحيح أيضاً أن مطلق هذا الكلام هو جميل السيّد، وهذا يكفي لـ"تجاهله" بنظر فئة من الطبقة السياسية الحاكمة، طبقة تتوقف عند الشكليات ولا تبحث في المضمون.

هكذا، لم يكلّف "الحريريون" أنفسهم عناء "الدفاع" بوجه التهم التي وجّهها جميل السيد إليهم. وجدوا أنّ التكتيك الأفضل للرد على اللواء هو "الهجوم" وبالتالي قلب قواعد اللعبة. لم يجنّد عقاب صقر نفسه لانكار التهم التي وجّهها السيّد لرئيس الحكومة سعد الحريري وفريقه. لم يجد ضرورة في نفي وقوف الحريري وراء شهود الزور الذين أقرّ "الشيخ سعد" بوجودهم بعد صراع طويل. لم ير ضرورة في الرد على الاتهامات الخطيرة التي وجّهها إليه جميل السيد والتي وصلت لحد التهديد بأنه "سيأخذ حقه بيده". جنّد عقاب صقر نفسه لـ"قلب قواعد اللعبة" والهجوم على جميل السيد من قاعدة "المبادئ" التي يتغنى بها فلم يترك وسيلة إعلامية إلا وأبلغها بـ"قنبلته": جميل السيّد مستعد لطيّ الصفحة مقابل 15 مليون دولار أو حتى 7 ملايين و500 ألف دولار أميركي. ولـ"القنبلة" تتمّة: سعد الحريري هو الذي يرفض هذه "التسوية" انطلاقا من رفضه لهذا الأسلوب "الرخيص" في التعامل.

إنها عيّنة بسيطة عن "الردود" على المؤتمر الصحافي الذي عقده اللواء جميل السيد يوم الأحد، ردود تمحورت بمعظمها حول "الشكل" دون "المضمون"، إذ لم يكن غريباً قراءة عشرات التصريحات "المستقبلية" عن "تاريخ" جميل السيّد دون أن يقف تصريح واحد منها عند "المضمون الخطير" الذي أدلى به السيّد.

وحدها مصر، التي طاولتها "شظايا" اللواء، ردّت وبـ"عنف" محمّلة إياه مسؤولية أي اعتداء يتعرض لها أي من دبلوماسييها في لبنان، فيما كان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون "يتمسّك" بالمحكمة الدولية ويسعى لتركها "بعيدة" عن كلّ "التجاذبات"، على حدّ تعبيره.

"التحدي" مستمرّ..

 

امتها وتحترم عقول أبنائها" كما ورد في التحدي" بين جميل السيّد وعقاب صقر مستمرّ إذاً..

عقاب أعلن "التحدي" بعد المؤتمر الصحافي للسيّد فكشف "فضيحة" الـ15 مليون دولار التي طلبها اللواء بواسطة "سمسار" لطيّ الصفحة و"السكوت".. صقر "تحدى" السيّد في إنكار ذلك.. السيّد قبل التحدي وأنكر "المزاعم" واعداً صقر بـ"عمولة كبيرة" إذا لعب هذا الدور الذي يتقنه جيداً..

لم تنته القصة فصولاً عند هذا الحد، فلدى صقر المزيد من "المفاجآت" على ما يبدو. "ليعرف كل الناس أن من يدعي العفة وأن من يحاول الإيحاء بأن قضاياه وطنية وقومية وللدفاع عن المقاومة يبيع قضاياه عند المنعطفات وتحت الطاولة بحفنة من الدولارات"، يقول عقاب صقر في إشارة إلى اللواء السيّد، توضيحاً لسبب "كشفه" للفضيحة التي يمتلكها. وليكتمل "السيناريو"، يعد بـ"مفاجأة ثانية" في حال استمرار اللواء جميل السيد في إنكار الوقائع التي كشفها.

وبانتظار "المفاجآت"، "ساند" قياديو "المستقبل" صقر في الردّ على "خصمهم اللدود" جميل السيّد. زياد القادري "استغرب الصراخ والشتائم والتهديدات التي انهال بها اللواء جميل السيد على اللبنانيين الذين كانوا ينتظرون منه كلاما قانونيا، فلم يجدوا إلا كلاما سياسيا متوترا لم يترك أي مصداقية أو رد فعل لدى الرأي العام". مصطفى علوش انتقد استهوان السماح لكافة "رعاع الارض" بالهجوم على الدولة ورموزها على مدى السنوات والاشهر الماضية. محمد كبارة اعتبر أنّ السيد أخرج ما في صدره من حقد أعمى لطالما استثمره من مواقعه الأمنية التي عرف كيف يتسلق أبوابها بعد أن زحف عند أقدام أسياده وقدم لهم الخدمات التي تؤهله ليكون في خدمة من أوصله إلى مراتب عليا في الأمن والاستخبارات على حساب الوطن ونظامه ومؤسساته وديمقراطيته.

مصر "تتوعّد"..

هذا في الداخل. أما في الخارج فـ"قلق على المحكمة" ترجمه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون "تمسّكاً بها" وترجمته مصر "تهديداً" للسيد الذي طاولتها شظاياه العنيفة.

فمن جهة مصر، "مفاجأة" بتصريحات السيد "التحريضية" كما ورد في بيان صدر عن السفارة المصرية في بيروت التي قرأت في اتهامات السيد "ادعاءات مغرضة لا أساس لها من الصحة، وتحريضا على أحد الدبلوماسيين العاملين في السفارة". ولأنّ السفارة "دهشت للافتراءات التي تضمنتها تصريحات اللواء السيد"، فهي اعتبرت أنّ "الإدعاءات الكاذبة التي تضمنتها تصريحات اللواء السيد هي تحريض غير مقبول وغير قانوني وغير أخلاقي على دبلوماسييها". ولم تتردد في تحميله المسؤولية القانونية كاملة عن أي اعتداءات أو استهداف لأي فرد من العاملين فيها.

أما الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فبدا كلّ همه "تحييد" المحكمة عن "التصريحات" التي تصدر هنا وهناك والتأكيد على "استقلاليتها" الغائبة. بان، الذي تمسك باستمرار عمل المحكمة الخاصة بلبنان، رفض التعليق على أي جدل يدور في هذا الشأن. وقال بان إن المحكمة الخاصة بلبنان بدأت العمل وتحقق تقدما، "هذا مسار قضائي مستقل، وبالتالي لا يجوز ربطه بأي تصريحات سياسية أدلى بها أي شخص أو اي سياسي".

وردا على سؤال عما إذا كانت تصريحات رئيس الحكومة سعد الحريري تعني إسقاط كل القرارات الدولية المتعلقة بالمحكمة الدولية، أجاب: "القضية قيد التحقيق. لن أقول أي شيء يتعلق بمسألة تخضع للتحقيق، وبغض النظر عن كل ما قيل من قبل البعض أو أي طرف كان، فإن هذه المحكمة يجب أن تستمر وفقا للولاية التي حددها لها مجلس الأمن. لذلك فلن أقوم بالتعليق على الأمر".

كلمة أخيرة..

المحكمة باقية وباقية وباقية..

يبدو هذا "الشعار" أساس كل الردود والمواقف التي تصدر في لبنان وخارجه رداً على كلّ خطاب يتناول التحقيق الدولي..

يبدو البعض في لبنان وخارجه وكأنه يقول: نعم، قد يكون هناك أخطاء، قد يكون هناك خلل، قد يكون هناك هواجس، لكن كل ذلك غير مهم. المهم أن المحكمة باقية وباقية وباقية.

قد لا يكون جائزاً لوم هؤلاء. فالمحكمة باقية، صحيح، حتى "إنجاز" الأهداف التي أنشئت من أجلها، أقلّه في قاموسهم..