
مشاركة:
كثير من الغموض، كثير من الضجيج ، وكثير من التوتر والهدوء الحذر. إنها سمات العلاقة السائدة بين الدول الغربية أو على وجه التحديد الكيان الصهيوني والولايات
المتحدة الأميريكية من جهة والجمهورية الإسلامية الإيرانية من جهة اخرى. في محطة بوشهر بدأ العد العكسي، مئة وثلاثاً وستين مجمعاً للوقود النووي ستضخّ إلى قلب المفاعل النووي، لتدخل أكثر المحطات النووية استثنائية مرحلة التدشين. وفي تل أبيب وواشنطن وجوه مكفهرة تبحث في سبل الرد خصوصاً بعد فرضها في الأمم المتحدة في حزيران/يونيو الماضي مجموعة رابعة من العقوبات المشددة على ايران.
الخبر الذي جاء نقلاً عن صحيفة النيويورك تايمز والذي يتحدث عن اقناع الولايات المتحدة كيان العدو أن ايران تحتاج عاماً على الأقل لصنع سلاح نووي، يؤكد – ربما – أن واشنطن لم تعط بعد تل أبيب الضوء الأخضر لشنّ هجوم استباقي على المحطات النووية الإيرانية. المستشار الرئيسي للرئيس باراك أوباما غاري ساموري، رأى أن بلاده تعوّل على دور المفتشين الدوليين في رصد أي تحرك ايراني لصنع سلاح نووي، مشيراً إلى أن هذا، "يترك متسعاً من الوقت للولايات المتحدة واسرائيل لتحديد الردّ". ويأتي كل ذلك في وقت هدد فيه كيان العدو بضرب محطة بوشهر قبل دخولها مرحلة التدشين.
أما طهران فإنها تخاطب خصومها باللغة ذاتها، لغة قوامها: الشدّة واللين. أمام تلويح الولايات المتحدة بالخيار العسكري، يعلوا صوت الإيرانيين المؤكد على حق الجمهورية الإسلامية بالمضي قدماً في برنامجها النووي ذو الأهداف السلمية إضافة إلى رسالة مفادها: ايران لديها من القوة ما يجعلها قادرة على الإمساك بزمام الأمور. فقد أعلن وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي أن بلاده أجرت بنجاح اختباراً لإطلاق صاروخ أرض-أرض من طراز "قيام". وأشار وحيدي إلى أن للصاروخ مميزات تقنية جديدة وقدرة تكتيكية فريدة. من جهة أخرى فإن ايران لا تريد قطع حبل التفاوض، لذا فقد أعلنت على لسان رئيسها أحمدي نجاد أنها مستعدة لاستئناف المفاوضات مع مجموعة الدول الست (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) لتزويدها بالوقود لمفاعل الأبحاث الطبية في طهران. ووعد نجاد بوقف التخصيب بنسبة عشرين بالمئة في حال تأمين إمدادات الوقود.
في ظل انعدام الثقة التي تشكل أساساً لأي حوار مثمر، خصوصاً بعد صمّ الولايات المتحدة آذانها عن العروضات الإيرانية، التي كان آخرها في السابع عشر من أيار/مايو الماضي والذي أعلنت فيه استعدادها تبادل 1200 كلغ من اليورانيوم الضعيف التخصيب بمئة وعشرين كلغ من الوقود المخصب بنسبة عشرين بالمئة لإمداد مفاعل طهران للأبحاث، يبقى رصيد الديبلوماسية فيما يخصّ الملف النووي الإيراني منخفضاً. الموقف الإيراني واضح: رفع العقوبات ووقف التهديد ومن ثمّ الحوار…أو دوران في حلقة مفرغة قد ينهيها البيت الأبيض بحرب قد لا تبقي ولا تذر؟!!.